(5) ظاهرة الفجر القطبي وأطيافه Aurora and Auroralspectra وتعرف هذه الظاهرة أيضا باسم الأضواء القطبية Polar Lights أو باسم فجر الليل القطبي Polar Nights Dawn وهي ظاهرة نورانية تري بالليل في سماء كل من المناطق القطبية وحول القطبية Polarand Subpolar Regions وتتركز أساسا في المنطقتين الواقعتين بين كل من قطبي الأرض المغناطيسيتين وخطي العرض المغناطيسيين 67 درجة شمالا، 67 درجة جنوبا، وقد تمتد أحيانا لتشمل مساحات أوسع من ذلك.
وتبدو ظاهرة الفجر القطبي عادة علي هيئة أنوار زاهية متألقة جميلة، تختلف باختلاف الارتفاع الذي تري عنده ويغلب عليها اللون الأخضر والأحمر والأبيض المشوب بزرقة والبنفسجي والبرتقالي وهي تتوهج وتخبو [أي تزداد شدة ولمعانا ثم تهدأ] بطريقة دورية كل عدة ثوان [قد تمتد إلي عدة دقائق]، وتتباين ألوان الشفق القطبي في أجزائه المختلفة تباينا كبيرا، وإن تناقصت شدة نورها إلي أعلي بصفة عامة.
حيث تتدلي تلك الأنوار من السماء إلي مستوي قد يصل إلي 80 كيلومترا فوق مستوي سطح البحر، وتمتد أفقيا إلي مئات الكيلومترات لتملأ مساحات شاسعة في صفحة السماء، علي هيئة هالات حلقية أو قوسية متموجة، تكون عددا من الستائر النورانية المطوية المتدلية من السماء، والتي يشبه نورها النور المصاحب لبزوغ الفجر الحقيقي.
ويفسر العلماء حدوث ظاهرة الفجر القطبي بارتطام الأشعة الكونية الأولية بالغلاف الغازي للأرض مما يؤدي إلي تأينه [أي شحنه بالكهرباء]، وإصدار أشعة كونية ثانوية، ثم تصادم الأشعات الكونية [وهي تحمل شحنات كهربية مختلفة] مع بعضها البعض، ومع غيرها من الشحنات الكهربية الموجودة في الغلاف الغازي للأرض مما يؤدي إلي تفريغها، وتوهجها، وتكثر الشحنات الكهربائية في الغلاف الغازي للأرض في كل من أحزمة الإشعاع Radiation Belts المعروفة باسم أحزمة فان ألن Van Allens Belts والموجودة في داخل نطق التأين المحيطة بالأرض Ionos phere Zones وفي نطق التأين ذاتها.
والأشعة الكونية الأولية Primary Cosmic Rays تملأ فسحة الكون علي هيئة الجسيمات الأولية المكونة للذرات Elementaryorsubatomic particles وهي جسيمات متناهية في الدقة، ومشحونة بشحنات كهربائية عالية، وتتحرك بسرعات تقترب من سرعة الضوء.
وتنطلق الأشعة الكونية الأولية من الشمس، وإن كان أغلبها يصلنا من خارج المجموعة الشمسية، ولم تكتشف تلك الأشعة الكونية إلا في سنة 1936م.
وتتسرب الأشعة الكونية الأولية إلي الأرض عبر قطبيها المغناطيسيين لتصل إلي أحزمة الإشعاع ونطق التأين في الغلاف الغازي للأرض مما يؤدي إلي تكون الأشعة الكونية الثانوية Secondary cosmicrays التي قد يصل بعضها إلي سطح الأرض فيخترق صخورها، أما الأشعة الكونية الأولية فلا يكاد يصل منها إلي سطح الأرض قدر يمكن قياسه.
والأشعة الكونية بأنواعها المختلفة تتحرك بمحاذاة خطوط المجال المغناطيسي للأرض، والتي تنحني لتصب في قطبي الأرض المغناطيسيين ساحبة معها موجات الأشعة الكونية، وذلك لعجزها عن عبور مجال الأرض المغناطيسي، وحينما تنفذ تلك الأشعة من قطبي الأرض المغناطيسيين فإنها تؤدي إلي زيادة تأين الغلاف الغازي للأرض في منطقتي قطبيها المغناطيسيين.
ويؤدي اصطدام الشحنات المختلفة إلي تفريغها من شحناتها الكهربائية، ومن ثم إلي توهج الغلاف الغازي للأرض في كل من المنطقتين القطبيتين في ظاهرة تعرف بظاهرة الوهج القطبي أو الشفق القطبي أو الأضواء القطبية أو فجر الليل القطبي وهي ظاهرة تري بوضوح في ظلمة الليل الحالك حول القطبين المغناطيسيين للأرض، خاصة في أوقات الثورات الشمسية العنيفة حين يتزايد اندفاع الأشعة الكونية الأولية من الشمس، فتصل كميات مضاعفة منها في اتجاه الأرض.
ويتزايد الإشعاع في الطبقات العليا من الغلاف الغازي للأرض إلي نسب مهلكة مدمرة خاصة في نطق التأين التي تحتوي علي تركيز عال من البروتونات (الموجبة) والإليكترونات (السالبة)، ويحتبس المجال المغناطيسي للأرض الغالبية العظمي من تلك الإشعاعات، ويوجهها إلي قطبيها المغناطيسيين في حركة لولبية موازية لخطوط المجال المغناطيسي والتي تنحني من القطب الشمالي إلي القطب الجنوبي وبالعكس.
وعندما يقترب الجسم المشحون بالكهرباء من جسيمات الأشعة الكونية تلك من أحد قطبي الأرض المغناطيسيين فإنه يرده إلي الآخر وهكذا تحدد خطوط الحقل المغناطيسي للأرض اتجاهات تحرك الأشعة الكونية وتركزها حول قطبي الأرض المغناطيسيين.
ومن الثابت علميا أن نطق الحماية المتعددة الموجودة في الغلاف الغازي للأرض ومنها نطاق الأوزون، نطق التأين المتعددة، أحزمة الإشعاع، والنطاق المغناطيسي للأرض، لم تكن موجودة في بدء خلق الأرض، ولم تتكون إلا علي مراحل متطاولة من بداية خلق الأرض الابتدائية Proto-Earth.
وعلي ذلك فقد كانت الأشعة الكونية وباقي صور النور المتعددة في صفحة الكون تصل بكميات هائلة إلي المستويات الدنيا من الغلاف الغازي للأرض ككل، فتؤدي إلي إنارتها وتوهجها ليلا بمثل ظاهرة الشفق القطبي، توهج الهواء، أضواء النجوم، أضواء المجرات وغيرها مما نشاهد اليوم، ولكن بمعدلات أشد وأقوي، وكان هذا التوهج وتلك الإنارة يشملان كل أرجاء الأرض فتنير ليلها إنارة تقضي علي ظلمة الليل.